"كل من يشاهدني ويمعن النظر في وجهي لابد أن يستغرق في الضحك والسخرية وكل من يعرفني يجد لذة غريبة في رواية القصص المضحكة عني لكل من يقابلهم من أصحابه .ولهذه السخرية سبب...وهو أنني أ طوي بين جوانحي قلبا نقيا طاهرا يعرف الحب .بالرغم من أنني قصير القامة أسمر اللون غليظ الشفتين ضخم الرأس ضيق العينين مفلطح الانف ضيق الجبهة طويل الاذنين.نعم ان هيئتي مجموعة منفرة من الملامح قل أن يوجد لها مثيل حتى ان كل الناس يطلقون علي اسم "الرجل القرد" ولكن الذي كان يغيظني أن الناس لا يسخرون من القرد فما بالهم يسخرون مني لعل السبب أنني آدمي له قلب حساس يهفو الى الحب والجمال.
مات أبي وانا في السنين الاولى من عمري لا أعرف معنى الحياة لا افطن الى قباحة خلقتي تركني في رعاية أمي.
ولكن...من المسؤول عن ذمامتي؟ أهو أبي الراحل أم أمي؟لماذا أوجه اليهما اللوم.لقد ولدت وانتهى الامر ...وعندما بدأت اعي الامور كنت أرى امي دائما حزينة وعندما استفسرها كانت تجيبني اجابات لا تشبع نهمي الى معرفة الحقيقة .ولكني اخيرا عرفت السبب...كنت أتألم جدا من النظرات المشفقة نحوي وكلمة "يا للمسكين"تصل الى مسامعي بصعوبة.
ورحت احاول أن ابدو اقل قبحا بوضع مساحيق النساء لكن ما زادني ذلك الا سخرية.
لقد جاهدت أمي في سبيل العثور على زوجة لي لكن بدون جدوى ...فقد كانت كل منهن تأنف حتى من مجرد النظر الى وجهي.فتحطم قلب امي المسكينة واصابها شلل فقضت نحبها دون ان تكتحل عيناها برؤية عروس ابنها الوحيد.
تركتني امي لاناضل الحياة القاسية وبكيت الدم بعدما انقضت الدموع من عيناي
لكن المقادير اشفقت علي وساقت الي من تبادلني حبا بحب. كنت جالسا بمنزلي ذات يوم. فاذا بصوت فيه حزن دفين يطلب من يجود اليه باحسان فاذا بشابة في عمر الورود.جميلة رغم ما يبدو عليها من الفقر ورقة الحال لكني اشفقت عليها واحببتها وشجعني على ذلك بكونها فاقدة البصر قدمت اليها طعاما شهيا. وسألتها عن اسمها فأخبرتني بأن اسمها "ذات القلب الطيب"
تكررت زياراتها واشتدت علاقاتنا ولكن كان يطغى علي احساس غريب.أن ظلام عينيها هو الذي جعل قلبي يبتسم...
ذات يوم جمعت أطراف شجاعتي لأقول لها ¦ _هل تشعرين برغبتي في الزواج منك يا ذات القلب الطيب؟
_فقالت برقة بالغة ووجهها احمر من الخجل وتمتمت بكلمات غير مفهومة كان منظرها فريدا من نوعه كعصفور بلله المطر
_فرددت السؤال هل تقبلين...يا صاحبة القلب الطيب؟
_اجل اقبل يا جميل الروح رغم اني سمعت من بعض الناس ينعتونني أنني اهتم بالرجل القرد فعرفت انك ذميم الخلقة.
_والان بعد ما سمعته بماذا تشعرين نحوي؟
_قالت بهدوء انني لا اهتم بجمال الوجه. انا عمياء لا فرق عندي بين الجمال والذمامة لكني ارى الجمال بقلبي فقط.
لقد اهتزت حياتي بالسعادة بعدما تزوجنا.رغم انف جميع الناس.ومرت شهور...وبدأت زوجتي تشعر بأعراض الحمل .كنت في قمة الفرحة فعما قريب سأصبح أبا .
انقضت الشهور..ووضعت زوجتي طفلا جميلا يشبهها كثيرا فحمدت الله على ذلك فسوف لا يلاقي المصير الذي عانيت منه...
ذات يوم عدت الى مسكني لأستقبل مفاجأة مذهلة...لقد سقطت زوجتي من أعلى الدرج ليصطدم رأسها بحافة الباب.والدماء غمر كل المكان. استغثت بالاسعاف فنقلوها الى المستشفى . وقفت بجوار فراشها وهي غارقة في النوم وبعد برهة افاقت ثم سمعتها تقول بصوت خافة ورأسها مختف بين الضمادات.فمسكت يدها الحنونة
_اني أود أن افاجئك بشيء سوف يثلج صدرك
فسألتها متلهفا ¦
_فما هو؟
قالت¦ _ان امنيتي الوحيدة كانت ان يرد الله لي بصري ولو لدقيقة لارى هذا العالم وبعد ذلك لا يهمني ان اعيش او اموت.
لقد كانت كلماتها كخنجر حاد غرس في قلبي
فأزالت الضمادات وفتحت عيناها.ثم ارتسمت على وجهها دهشة بالغة وهي تقول ¦
يازوجي الحبيب لقد اصبحت في عداد المبصرات. انني اراك الان.
صعقت وقلت لها كالمذهول بصوت متحشرج ¦
_لكني اخشى ان تكرهيني بعدما رأيتي منظري القبيح.
_زوجي الحبيب... ان صورتك النبيلة مطبوعة في قلبي بحروف من نور. ولن تمحى ابدا من امام عيناي المبصرتين.ان وجهك الذي تعده انت ويعده الناس قبيحا.اشعر انا في قرارة نفسي بجماله.
ضممتها الى صدري واخذت أذرف الدمع الغزير...دموع الشكر والفرح